الأمل من بين الركام
تُعدّ مدينة حمص اليوم شاهدًا حيًا على قصص العودة التي يكتبها المغتربون والعائلات المهجّرة، حيث يعود الكثيرون إلى بيوتهم المدمّرة محمّلين بالأمل والرغبة في إعادة بناء ما تبقّى من مدينتهم. في الأحياء المتصدعة بدأت الحياة تتجدّد تدريجيًا؛ الأسواق تنبض بالحركة من جديد، والشوارع تستعيد ضجيجها القديم، فيما ترتسم على وجوه العائدين ابتسامات خجولة تحمل رسالة واضحة: "المدينة ما زالت هنا".
تتنوّع حكايات العودة بين من بدأ بترميم منزله حجرًا حجرًا، ومن أعاد فتح متجره الصغير، ومن أطلق مشروعًا جديدًا ليعيد الحياة إلى الحي. بعض العائلات اختارت الرجوع إلى الأحياء القديمة رغم كل ما فقدته، معتبرة أن إعادة بناء الجدران هو أيضًا إعادة بناء الذاكرة. كما يعمل شباب المدينة على إطلاق مشاريع بسيطة — كالمقاهي والورش والمحالّ — إيمانًا بأن نهضة حمص تبدأ من المبادرات الصغيرة.
وتظهر في هذه القصص مشاعر الحنين العميق إلى الماضي؛ إلى أصوات الأسواق ورائحة الحارات القديمة. ورغم صعوبة العودة والخوف من المستقبل، يرى العائدون أن التمسّك بالأرض هو الخيار الأقرب للقلب، حتى وإن كانت الجدران تحمل آثار الزمن. فبالنسبة لهم، العودة ليست مجرد خطوة مادية، بل فعل روحي يعيد وصل الإنسان بجذوره.
الكثير من أبناء حمص العائدين يؤكدون أن تجربة الغربة زادتهم عزيمة، وأن المسافات عمّقت ارتباطهم بمدينتهم. لذلك بدأ بعضهم بالعمل على مبادرات تعليمية وثقافية تهدف إلى ربط الأجيال الجديدة بتاريخ حمص وتراثها، كي تبقى المدينة حاضرة في الذاكرة مهما تغيّرت الظروف.
في جوهرها، تعكس قصص العودة إلى حمص إيمانًا راسخًا بأن الحياة قادرة على النهوض من بين الركام، وأن الأمل لا يموت مهما طالت سنوات الصمت. فمع كل عائد، تستعيد المدينة جزءًا من روحها، وتبدأ فصلاً جديدًا من حكايتها — حكاية تعيد بناء ما تهدّم وتمنح حمص ملامحها التي طالما حلم بها أبناؤها.
رابط الفيديو:
https://www.youtube.com/watch?v=APBRVyk5etQ&utm_source=chatgpt.com
Leave a Reply
Your email address will not be published. Required fields are marked *





